الحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم على نبينا محمد
- لقد شا ء الله العليم الحكيم أن يخلق الحياة الدنيا بهذاالشكل الذي نعرفه، دار بلاء وابتلاء، قال الله تعالى ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون).
-وإذا كان الإ نسان معرض منذ القدم لمختلف الضغوط والمؤثراث أثناء مسار حياته ، فإن الله عز وجل قد أرشده إلى الطريق ، وخلق فيه من القدرات العقلية والنفسية والجسدية ، للتجاوب والتكيف مع هذه المؤثرات بشكل إيجابي وفعال.
-وتوضيح ذلك أن الصبر على المشاق أو الشجا عة عند المواقف الحرجة ، والعفو والحلم إنفعالات أو أخلاق في استطاعة كل إنسان أن يكتسبها ، ويتمرن عليها، أيا كان انتماءه أو عقيدته.
-فمعلوم مثلا أن البوذية-والتي هي ملة وثنية - معلوم من خلال نثر وأدبيا ت معتنيقيها ، الحث والترغيب في الصبر والشجاعة ، والتمرن على ضبط النفس والسيطرة على الإنفعالات السيئة، ومعلوم من البحوث النفسية المعاصرة أنها تسير في هذا الإتجاه ، وتجتهد في وضع الوسائل والآليات المختلفة في كيفية التفاعل الإيجابي مع محيط الإنسان وواقعه.
-غير أن الإسلام يتميز بعمقه وشموليته في توجيهه وتقويمه للإنسان ، ضمن منهج كامل مترابط ، يسع حيا ة الإنسان كلها ، في مختلف ظروفه ومراحله.
-ثم إن هناك تنبيه هام ، يغفل عنه كثير من المسلمين -من اللذ ين يطلبون تقويم أنفسهم وسلوكاتهم -من خلال مناهج أو وسائل قائمة على إجتهادات بشرية ، كاليوجا والتنويم المغناطيسي والا سترخاء وNLP وغير ذلك، وهو أن الإلتزام بالمنهج الإسلامي -عقيدة وعبادة وشريعة-يوجب من معية الله ومعونته وتوفيقه وتسديده ، ما هو معلوم من الأ دلة الشرعية وسير الأنبياء وأتباعهم.
-ويعلم المسلم معونة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم في غزوة بدر الكبرى ، وإمداده لهم بالملائكة ، وإنزال السكينة عليهم وتثبيتهم.
-وكذلك معلوم ما يوجبه القيام بالصلاة والصيام وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى وقيام الليل ، وما يوجبه القيام بعبودية الله تعالى عموما من الحياة الطيبة ، والإنفعالات السارة وأثر ذلك في سلوك المرء والتي هي هبة ونعمة من الله عز وجل ، لا تحصل من خلال المناهج والوسائل القائمة على الإجتهاد البشري.
-صحيح قد يكتسب الشخص نوعا من الراحة ، وقد ينجح في تقويم سلوكه وضبط كثير من انفعالاته عن طريق هذه الوسا ئل الوضعية ، وقد ينال مكاسب مادية ونجاحات دنيوية ، غير أن منهج الإسلام يظل متميزا في كماله وشموله.